تقديم
لعل أهم ما يميز المرحلة الراهنة هو التفاعل الملحوظ مع إصلاحات العشارية الأولى من القرن الحالي وما نتج عنها من تطورات لا على مستوى الدولة ولا على مستوى المجتمع بكل مكوناته. لأسباب متعددة، منها ما هو معروف وما هو غير معروف، ضلت الحقوق والقيم الواردة في دستور 2011 طريقها إلى الواقع وبات الشارع ومعه كل الحالمين بمغرب جدير بمواطناته ومواطنيه يبحثون عن مخرج للنهوض بالوضع وإعادة الحياة السياسية إلى مسارها الطبيعي. وفقط للتذكير، سبق وأن نصت ديباجة الدستور على عزم الدولة الثابت في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تقوم على ترسيخ مؤسسات حديثة ترتكز على مبادئ المشاركة، والتعددية، والحكامة الجيدة. كما ترمي إلى إرساء أسس مجتمع متضامن يتمتع فيه المواطنون والمواطنات بالأمن والحرية والكرامة والمساواة وتكافؤ الفرص، في ظل عدالة اجتماعية تضمن مقومات العيش الكريم، مع ربط الحقوق بالواجبات.
اليوم وبعد مرور أزيد من 20 سنة، لا زال المشهد السياسي الوطني يعاني من ركود مزمن يتجلى في ضعف المبادرات السياسات واستمرار حالة الجمود، وهذا وضع خانق لم تتمكن الأطراف الفاعلة التخلص منه رغم إحاطتها بمخاطره وأخطاره. الحال أكثر وضوحا وتعقيدا على المستوى الترابي حيث تدبير شأنه، في كثير من الحالات، محتكر من طرف المصالح اللاممركزة للإدارة التي تنفرد برسم مسار ات الحياة السياسية وتوزيع أدوار الفاعلين. هامش الاشراك والمشاركة في تناقص ملحوظ والتفاعل المفروض بين مكونات المجالات الترابية يفقد ديناميته مما يثير أسئلة عديدة ومتنوعة.
في مقابل هذه الوضعية، خلصت المشاورات التي أجراها الفاعلون المنخرطون في الدينامية التي قادتها شبكة الفضاء الحر بالمحمدية وشركاؤها، منذ فبراير 2022 إلى جملة من التوصيات العملية التي تهدف إلى إرساء أسس جديدة للتفاعل الديمقراطي وتعزيز المشاركة المواطِنية.
فقد تم التأكيد على أهمية العمل على رفع مستوى وعي المواطنات والمواطنين بقضايا التنمية الديمقراطية، بما يضمن انخراطهم الواعي والمسؤول في الشأن العام. كما دعت التوصيات إلى تقوية جسور الثقة بين مختلف الفاعلين السياسيين، والمؤسساتيين، والمدنيين، باعتبارها المدخل الأساسي لأي مشروع ديمقراطي مستدام.
وفي السياق ذاته، تم التشديد على ضرورة إرساء منظومة ترابية وفضاءات للحوار والنقاش العمومي، تتيح تداول الأفكار وتدبير الاختلاف بشكل بناء، وتؤسس لثقافة المشاركة والتوافق حول القضايا المشتركة.
واختتمت التوصيات بالدعوة إلى بلورة “ميثاق ترابي” يلتزم به الفاعلون الترابيون، ويشكل مرجعية مشتركة لتنظيم أدوارهم وتعزيز التنسيق والتكامل بينهم، في أفق تثبيت مبدأ المشاركة في تدبير الشأن المحلي والجهوي.
الأهداف
الهدف العام من هذه المبادرة هو توفير الشروط المطلوبة لتمكين الفاعلين الترابيين من التشاور والتنسيق قصد تعزيز كل المجهودات التي من شأنها توسيع نطاق المشاركة وتفعيل أدوار الفاعلين غير الدولتيين في تدبير الشأن العام الترابي.
تحقيق هذا الهدف العام يمر عبر أهداف خاصة يمكن إجمالها في:
o تعزيز ثقافة الحوار، الثقة بين الفاعلين الترابيين؛
o تعزيز الديناميات الترابية والتعبئة لخلق رأي عام ترابي متمسك بمبدأ المشاركة ؛
o خلق منظومات ترابية للتشاور ولبناء المشترك.
القيم والمبادئ
ينبني الميثاق على القيم والمبادئ المتعارف عليها كونيا والتي أكدت مفعولها في عديد من التجارب.
- القيم:
o الكرامة الإنسانية: احترام الإنسان باعتباره محور الفعل العمومي.
o الحرية والمساواة: تمكين جميع المواطنات والمواطنين من التعبير والمشاركة دون أي تمييز.
o الشفافية والنزاهة: ضمان الحق في المعلومة والمساءلة المتبادلة.
o الثقة المتبادلة: اعتبار المشاركة وسيلة لبناء الثقة بين الفاعلين والمجتمع والدولة. - المبادئ:
o الانفتاح: إشراك كل الفاعلين دون إقصاء.
o التشاركية: اتخاذ القرار على أساس الحوار والتوافق.
o الاستمرارية: جعل المشاركة نهجاً دائماً لا ظرفياً.
o الفعالية: تحويل الحوار إلى نتائج ملموسة تعود بالنفع على المواطنات والمواطنين.
o العدالة الترابية: ضمان توازن الفرص بين الأحياء والمجالات الحضرية والقروية. آليات التتبع والتقييم
o لجنة قيادة مشتركة
o تقارير دورية لتقييم مستوى تفعيل الميثاق.
o مراجعة دورية للميثاق كل سنتين لتكييفه مع التطـورات والمستجدات.
